
ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻀﺮﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻒ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻌﺠﻢ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ﻛﺎﻥ ﺿﺮﻳﺮﺍ ﻛﺄﺑﻴﻪ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﻟﻒ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺨﺼﺺ ﺃﺿﺨﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ﺃﻭ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲّ ﺍﻟﻤُﺮْﺳﻲّ ( ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺳﻴﺔ، ﻭﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺷﺮﻕ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ) ، ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺎﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ، ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺁﺩﺍﺑﻬﺎ، ﻭﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﺬﻛﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﺜﻞ.
ﻧﺸﺄ ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻋﻠﻢ ﻭﻟﻐﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺤﺎﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺬﻛﺎﺀ، ﻭﻗﺪ ﺗﻌﻬﺪ ﺍﺑﻨﻪ ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، ﻭﺷﺒﻌﻪ ﺑﺤﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻋﻠﻮﻣﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﺑﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺿﺮﻳﺮﺍ، ﺑﻞ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻻﺑﻦ ﺃﻳﻀﺎ ( ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ) ﻛﺎﻥ ﺿﺮﻳﺮﺍ ﻣﺜﻞ ﺃﺑﻴﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﺃﻋﻤﻰ ﺍﺑﻦ ﺃﻋﻤﻰ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻭﺭﻏﻢ ﻋﻤﻰ ﺑﺼﺮﻩ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺑﺼﻴﺮ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻛﺄﺑﻴﻪ، ﻗﺪ ﺭﺯﻗﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺑﺼﺮﻩ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﻗﻮﻳﺔ، ﻭﺫﻫﻨﺎ ﻣﺘﻮﻗﺪﺍ، ﻭﺫﻛﺎﺀ ﺣﺎﺩﺍ .
ﻭﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﻨﺤﻮﻱ ﺍﻟﻀﺮﻳﺮ، ﺍﺷﺘﻐﻞ ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ﺑﺘﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﺪﺓ، ﻭﺩﺭﺱ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺷﻴﺨﻪ ﺻﺎﻋﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ، ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ..
ﻭﺑﺬﺍﻛﺮﺗﻪ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣَﻦّ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ﺃﻥ ﻳُﻠِﻢ ﺑﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻳﻨﺒﻎ ﻓﻲ ﺁﺩﺍﺑﻬﺎ ﻭﻣﻔﺮﺩﺍﺗﻬﺎ، ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﺎﻓﻈﺎ ﻟﻠﻐﺔ ..
ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺨﺼﺺ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ﻛﺄﺿﺨﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺠﻤﻊ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻻ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺤﺮﻭﻓﻬﺎ ﺍﻟﻬﺠﺎﺋﻴﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻣﻔﺮﺩﺍﺗﻬﺎ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺟﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻫﻮ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻭﻓﻖ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﺔ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺭﺣﻠﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺗﻮﻓﻲ ﺍﺑﻦ ﺳِﻴﺪَﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﺪﻟﺲ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪ 26 ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻵﺧﺮ 458 ﻫـ 25/ ﻣﺎﺭﺱ 1066 ﻡ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺟﻌﻞ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ .